مع اقتراب بداية ولاية دونالد ترامب الثانية في 2025، يتساءل الكثيرون عن شكل الاقتصاد العالمي في ظل سياساته التي كانت دائمًا مثارًا للجدل. ورغم أن فترة حكمه الأولى شهدت تحولات كبيرة في الاقتصاد الأميركي والعالمي، فإن ولاية جديدة قد تحمل معها مفاجآت أكبر وأكثر تعقيدًا.
أولاً، من المرجح أن تستمر سياسة “أميركا أولاً” التي كانت حجر الزاوية في ولاية ترامب الأولى. سيواصل الرئيس الأميركي المنتخب سعيه للحد من العجز التجاري في بلاده، مما يعني احتمال تصعيد الحروب التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، وهما من أكبر شركاء أمريكا التجاريين. لا شك أن هذه السياسة ستتسبب في توترات جديدة في الأسواق العالمية. بالنسبة للدول النامية، فإن هذه الحروب التجارية قد تؤدي إلى زيادة في الأسعار وتباطؤ النمو، بينما ستتفاقم مشاكل سلاسل التوريد.
ثانيًا، التوقعات تشير إلى أن ترامب قد يعيد فرض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات، مستفيدًا من الدعم الداخلي الذي يتلقاه من قطاع الأعمال. هذه السياسات الحمائية قد تؤدي إلى زيادة الضغوط على الشركات الدولية، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا والطاقة، كما أن بعض التقارير تشير إلى أن الشركات الأميركية ستستمر في توجيه استثماراتها نحو الداخل، بدلاً من إعادة استثمار أرباحها في الأسواق الخارجية.
على صعيد آخر، قد يشهد قطاع الطاقة تغييرات هامة مع استمرار ترامب في تعزيز الإنتاج الأميركي من النفط والغاز. في ظل أزمة المناخ المتزايدة، قد تزداد المنافسة بين الدول الكبرى المنتجة للطاقة. فبالرغم من أن ترامب قد يعزز من قدرة أميركا على تصدير النفط، فإن ذلك قد يضغط على الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة، مثل السعودية وروسيا، التي قد تواجه تحديات جديدة.
أما بالنسبة للأسواق المالية العالمية، فيتوقع البعض أن تظل التقلبات هي السمة الرئيسية في عهد ترامب. ففي ظل السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل، قد يستمر المستثمرون في تكبد خسائر بسبب غياب الاستقرار المالي. وقد تكون هناك حالة من الترقب المستمر للقرارات الاقتصادية التي يتخذها ترامب، حيث ستؤثر بشكل كبير على أسواق المال العالمية.
وفي الوقت نفسه، قد يحاول ترامب خفض الضرائب مرة أخرى على الشركات الأميركية، وهو ما من شأنه أن يعزز النمو الداخلي، ولكن قد يؤدي في الوقت ذاته إلى زيادة العجز في الميزانية الأميركية. التوقعات تشير إلى أن هذه الخطوات ستضع ضغوطًا على الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار، مثل الدول النامية التي قد تواجه تحديات في سداد ديونها.
في الختام، يمكن القول إن ولاية ترامب الثانية ستستمر في تعزيز سياسات الحمائية التجارية التي تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي. ومع ذلك، ستكون هناك تداعيات على الاقتصاد العالمي، من حيث التقلبات في الأسواق، وتزايد التوترات التجارية، وتأثيرات سياسات الطاقة. التوقعات تشير إلى أن العالم سيظل في حالة من الترقب المستمر مع اقتراب ترامب من تنفيذ رؤيته الاقتصادية العالمية الجديدة، التي قد تترك بصمة كبيرة على شكل الاقتصاد الدولي في السنوات المقبلة.