تشهد مصر تحولاً في قطاع الطاقة مع توقيع اتفاقيتين رئيسيتين مع شركتي شل و توتال إنرجيز، بقيمة تقدر بنحو 3 مليارات دولار، لشراء 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال (LNG) لتلبية الطلب خلال عام 2025. تأتي هذه الخطوة في إطار تحول مصر من كونها دولة مُنتجة إلى دولة مستوردة، نتيجة لانخفاض الإنتاج المحلي وارتفاع استهلاك الطاقة.
السياق الاقتصادي
تشير بيانات مبادرة البيانات المشتركة (جودي) إلى أن الإمدادات المحلية من الغاز الطبيعي في مصر انخفضت إلى أدنى مستوياتها خلال سبع سنوات، وذلك بسبب:
- تراجع الإنتاج من حقل ظهر للغاز.
- ارتفاع استهلاك الطاقة مع الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي.
يُظهر هذا الانخفاض أهمية التحرك نحو تأمين إمدادات الغاز عبر الاتفاقيات طويلة الأجل مع شركات دولية كبرى، لتجنب الاعتماد على السوق الفورية التي أصبحت أكثر تكلفة.
تفاصيل الاتفاقيات
وفقًا لمصادر تجارية لوكالة رويترز:
- الاتفاقيتان الموقعتان مع شل وتوتال إنرجيز ستغطي احتياجات مصر لمعظم العام 2025، وتعتبر خطوة استراتيجية للانتقال من السوق الفورية إلى الصفقات طويلة الأجل.
- وقد حُددت قيمة الصفقات بنحو 3 مليارات دولار لتأمين 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال.
- جاء هذا التوجه في ظل تغير مسار سياسات الطاقة في مصر، التي أعلنت سابقاً عن خطط لتصبح مورداً لأوروبا، لكنها تخلت عن تلك الخطط نتيجة لانخفاض الإنتاج المحلي.
التحديات السوقية والمالية
يواجه قطاع الغاز في مصر ضغوطًا متزايدة:
- ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية:
ارتفعت الأسعار إلى متوسط يزيد على 14 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة بـ12 دولاراً عند بدء المناقصات. - تحديات السيولة والاحتياطات النقدية:
مع ارتفاع أسعار الغاز وزيادة الطلب خلال أشهر الصيف لتوليد الكهرباء وتشغيل أجهزة التكييف، تتعرض مصر لضغوط مالية متزايدة نتيجة نقص النقد الأجنبي. - تراجع الإنتاج المحلي:
تشير توقعات شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس إلى انخفاض إنتاج الغاز المحلي بنسبة 22.5% أخرى بحلول نهاية عام 2028، في حين يُتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة بنسبة 39% خلال العقد المقبل.
استراتيجيات شراء طويلة الأجل
أثناء الفترة الأخيرة، بدأت مصر في إعادة تقييم استراتيجياتها لشراء الغاز:
- التحول عن السوق الفورية:
استوردت مصر عشرات الشحنات من الغاز الطبيعي المسال بسعر علاوة تتراوح بين 1 إلى 2 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية خلال أشهر الصيف. - المناقصات:
طرحت مصر في يناير من هذا العام مناقصة للحصول على 4 شحنات للتسليم بين فبراير ومارس، وهناك توقعات بإصدار مناقصات إضافية بناءً على ظروف السوق.
يهدف هذا التحول إلى توفير استقرار في الأسعار وتأمين احتياجات البلاد على المدى الطويل.
التحليل والتوقعات المستقبلية
تُعد هذه الاتفاقيات خطوة استراتيجية مهمة لاقتصاد مصر في ظل التحديات المتزايدة في قطاع الطاقة. فيما يلي أبرز النقاط التحليلية:
- تحويل نموذج الاستيراد:
انتقلت مصر من الاعتماد على السوق الفورية ذات الأسعار المرتفعة إلى توقيع اتفاقيات طويلة الأجل تساهم في استقرار الأسعار وتوفير احتياجات الطاقة. - التحديات المستقبلية:
مع توقع استمرار تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع استهلاك الطاقة، سيكون من الضروري تعزيز الصفقات طويلة الأجل وتحسين كفاءة استغلال الموارد. - التوازن المالي:
تساهم هذه الاستراتيجيات في تخفيف الضغط على الاحتياطات النقدية، مما يساعد على استقرار الاقتصاد الوطني. - الأثر الإقليمي:
قد يُحدث هذا التحول تغييرات في هيكلة سوق الغاز في المنطقة، حيث تُصبح مصر لاعبًا رئيسيًا في تأمين الغاز الطبيعي المستورد لمواكبة الطلب المحلي المتزايد.