تثير البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية تساؤلات المستثمرين عما إذا كان النمو القوي قادراً على مواصلة دفع الأسهم نحو الارتفاع، حتى وإن قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي قدراً من تيسير السياسة النقدية اقل مما كانت تأمله السوق.
وقد أدت توقعات خفض أسعار الفائدة إلى ارتفاع الأسهم في نهاية 2023، ودفعت المؤشر «إس آند بي 500» إلى مستوى قياسي في يناير، وجاء المؤشر هذا العام بنسبة 4% بعد صعوده 24% في 2023.
وبالنظر في الربع الرابع والارتفاع الأخير للأسهم، فإن الكثير منه كان مدفوعاً بفكرة تحول الفيدرالي عن سياسته؛ ولكن هذه الفكرة تتضاءل الآن.
فقد تضاءلت توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة على المدى القريب عقب بيانات الوظائف؛ فالعقود الآجلة المرتبطة بسعر الفائدة الرئيسي للفيدرالي تعكس فرصة بنسبة 70% لخفض البنك المركزي كلف الاقتراض في اجتماعه في الأول من مايو، من أكثر من 90% يوم الخميس، بحسب «أداة فيدووتش سي إم إي».
وبلغ احتمال الخفض في مارس نحو 20%، مقارنة بما يقل قليلاً عن 50% قبل أسبوع.
وقدم الاقتصاد أيضاً 126 ألف وظيفة إضافية في نوفمبر وديسمبر مقارنة بالتقارير السابقة.
ويعتقد الكثير من المستثمرين أن النمو القوي يعد أمراً إيجابياً للأسهم، خاصة إذا كان مصحوباً بأرباح الشركات الأفضل من المتوقع.
وسجل «إس آند بي» مستوى مرتفعاً جديداً يوم الجمعة بعد بيانات الوظائف، مدعوماً بارتفاع أسهم شركتي ميتا بلاتفورمز، التي ارتفعت بنسبة 20%، وأمازون، التي ارتفعت بنسبة 8%.
وبالنسبة لعام 2024 من المتوقع أن تقفز أرباح المؤشر بنسبة 10% تقريباً عقب ارتفاع بنسبة 3.6% في عام 2023، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن.
وسيتم اختبار هذه التوقعات هذا الأسبوع عند صدور مجموعة كبيرة أخرى من التقارير، بما في ذلك تقارير إيلي ليلي، ووالت ديزني، وكونوكو فيلبس.
ومع ذلك فإن استمرار النمو فوق الاتجاه يطرح مشكلة أخرى وهي المخاوف من حدوث انتعاش تضخمي.
كما يمكن أن يؤدي طول فترة أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة الضغط على مجالات الاقتصاد المتأثرة بالفعل؛ كالعقارات التجارية على سبيل المثال.
وفي الأيام الأخيرة تراجعت أسهم «نيويورك كوميونيتي بانكورب»، أحد أكبر مقرضي العقارات التجارية في نيويورك، ما أثار مخاوف مصرفية إقليمية أوسع، بعد أن خفضت الشركة أرباحها وحققت خسارة مفاجئة.
وربما يؤدي النمو المتزايد، إلى جانب توقعات بقاء أسعار الفائدة عند المستويات الحالية لفترة أطول، إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة.
ويمكن أن تؤدي العوائد المرتفعة إلى الضغط على الأسهم كونها تنافس الأسهم على استقطاب المستثمرين، في حين أن ارتفاع الفائدة يؤدي إلى زيادة كلفة رأس المال في الاقتصاد.
وبلغت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، القياسية، 4.05% يوم الجمعة؛ وهي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات.
وتظهر بيانات مجموعة بورصة لندن أن المستثمرين ما زالوا يتوقعون نحو 125 نقطة أساس لتخفيضات الفيدرالي هذا العام.
وهو أقل من نحو 150 نقطة أساس التي تم توقعها في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكنه لا يزال أكثر بكثير من 75 نقطة أساس التي توقعها الفيدرالي.